کد مطلب:109719 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253

خطبه 001-آغاز آفرینش آسمان و...











ومن خطبة له علیه السلام

یذكر فیها ابتداءَ خلق السماءِ والاَرض، وخلق آدم علیه الصلاة والسلام

وفیها ذكر الحج وتحتوی علی حمد الله، وخلق العالم، وخلق الملائكة، واختیار الانبیاء، ومبعث النبی، والقرآن، والاحكام الشرعیة

الحَمْدُ للهِ الَّذَی لاَ یَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ یُحْصِی نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ یُؤَدِّی حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِی لاَ یُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ یَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِی لَیْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ.فَطَرَ الْخَلائِقَ بِقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّیَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَیَدَانَ أَرْضِهِ. أَوَّلُ الدِّینِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدیقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِیقِ بِهِ تَوْحِیدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِیدِهِ الْإِخْلاصُ لَهُ، وَكَمَالُ الْإِخْلاصِ لَهُ نَفْیُ الصِّفَاتِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَیْرُ المَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَیْرُ الصِّفَةِ، فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَیْهِ، وَمَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ قَالَ: «فِیمَ» فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَمَنْ قَالَ: «عَلاَمَ؟» فَقَدْ أَخْلَی مِنُهُ. كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَث، مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَمٍ، مَعَ كُلِّ شَیْءٍ لاَ بِمُقَارَنَةٍ، وَغَیْرُ كُلِّ شَیءٍ لَا بِمُزَایَلَةٍ، فَاعِلٌ لا بِمَعْنَی الْحَرَكَاتِ وَالْآلَةِ، بَصِیرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَیْهِ مِنْ خَلْقِهِ، مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ یَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ یَسْتوْحِشُ لِفَقْدِهِ.

خلق العالم

أَنْشَأَ الخَلْقَ إنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلاَ رَوِیَّةٍ أَجَالَهَا، وَلاَ تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا، وَلاَ حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا، وَلاَهَمَامَةِ نَفْسٍ اظْطَرَبَ فِیهَا. أَحَالَ الْأَشیَاءَ لَأَُوْقَاتِهَا، وَلْأَمَ بَیْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا، وَغَرَّزَ غَرائِزَهَا، وَأَلزَمَهَا أَشْبَاحَهَا، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا، مُحِیطاً بِحُدُودِها وَانْتِهَائِهَا، عَارفاً بِقَرَائِنِها وَأَحْنَائِهَا. ثُمَّ أَنْشَأَ ـ سُبْحَانَهُ ـ فَتْقَ الْأََجْوَاءِ، وَشَقَّ الْأََرْجَاءِ، وَسَكَائِكَ الَهوَاءِ، فأَجْرَی فِیهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَیَّارُهُ، مُتَراكِماً زَخَّارُهُ، حَمَلَهُ عَلَی مَتْنِ الرِّیحِ الْعَاصِفَةِ، وَالزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ، فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ، وَسَلَّطَهَا عَلَی شَدِّهِ، وَقَرنَهَا إِلَی حَدِّهِ، الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِها فَتِیقٌ، وَالمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِیقٌ. ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِیحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا، وَأَدَامَ مُرَبَّهَا، وَأَعْصَفَ مَجْرَاها، وَأَبْعَدَ مَنْشَاهَا، فَأَمَرَها بِتَصْفِیقِ المَاءِ الزَّخَّارِ، وَإِثَارَةِ مَوْجِ البِحَارِ، فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ، وَعَصَفَتْ بهِ عَصْفَهَا بِالفَضَاءِ، تَرُدُّ أَوَّلَهُ عَلَی آخِرِهِ، وَسَاجِیَهُ عَلَی مَائِرِهِ، حَتَّی عَبَّ عُبَابُهُ، وَرَمَی بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ، فَرَفَعَهُ فِی هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ، وَجَوٍّ مُنْفَهِقٍ، فَسَوَّی مِنْهُ سَبْعَ سَموَاتٍ، جَعَلَ سُفْلاَهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً، وَعُلْیَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَسَمْكاً مَرْفُوعاً، بِغَیْر عَمَدٍ یَدْعَمُهَا، وَلا دِسَارٍ یَنْظِمُها. ثُمَّ زَیَّنَهَا بِزینَةِ الكَوَاكِبِ، وَضِیاءِ الثَّوَاقِبِ، وَأَجْرَی فِیها سِرَاجاً مُسْتَطِیراً، وَقَمَراً مُنِیراً: فی فَلَكٍ دَائِرٍ، وَسَقْفٍ سَائِرٍ، وَرَقِیمٍ مَائِرٍ.

خلق الملائكة

ثُمَّ فَتَقَ مَا بَیْنَ السَّمَواتِ العُلاَ، فَمَلاََهُنَّ أَطْواراً مِنْ مَلائِكَتِهِ: مِنْهُمْ سُجُودٌ لاَیَرْكَعُونَ، وَرُكُوعٌ لاَ یَنْتَصِبُونَ، وَصَافُّونَ لاَ یَتَزَایَلُونَ، وَمُسَبِّحُونَ لاَ یَسْأَمُونَ، لاَ یَغْشَاهُمْ نَوْمُ العُیُونِ، وَلاَ سَهْوُ العُقُولِ، وَلاَ فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ، ولاَ غَفْلَةُ النِّسْیَانِ. وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَی وَحْیِهِ، وأَلسِنَةٌ إِلَی رُسُلِهِ، وَمُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَأَمْرهِ. وَمِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ، وَالسَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ. وَمِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فی الْأَرَضِینَ السُّفْلَی أَقْدَامُهُمْ، وَالمَارِقَةُ مِنَ السَّماءِ الْعُلْیَا أَعْنَاقُهُمْ، والخَارجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ، وَالْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ، نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصارُهُمْ، مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ، مَضْرُوبَةٌ بَیْنَهُمْ وَبَیْنَ مِنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ، وَأسْتَارُ الْقُدْرَةِ، لاَ یَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بالتَّصْوِیرِ، وَلاَ یُجْرُونَ عَلَیْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِینَ، وَلاَ یَحُدُّونَهُ بِالْأََمَاكِنِ، وَلاَ یُشِیرُونَ إِلَیْهِ بِالنَّظَائِرِ.

صفة خلق آدم علیه السلام

ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الْأَرْضِ وَسَهْلِهَا، وَعَذْبِهَا وَسَبَخِهَا، تُرْبَةً سَنَّهَا بالمَاءِ حَتَّی خَلَصَتْ، وَلاَطَهَا بِالبَلَّةِ حَتَّی لَزَبَتْ، فَجَبَلَ مِنْها صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ وَ وُصُولٍ، وَ أَعْضَاءٍ وَ فُصُولٍ: أَجْمَدَهَا حَتَّی اسْتَمْسَكَتْ، وَأَصْلَدَهَا حَتَّی صَلْصَلَتْ، لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ، وَأجَلٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ نَفَخَ فِیها مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ إِنْساناً ذَا أَذْهَانٍ یُجیلُهَا، وَفِكَرٍ یَتَصَرَّفُ بِهَا، وَ جَوَارِحَ یَخْتَدِمُهَا، وَ أَدَوَاتٍ یُقَلِّبُهَا، وَ مَعْرِفَةٍ یَفْرُقُ بِهَا بَیْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، والأَذْوَاقِ والْمَشَامِّ، وَالْأَلْوَانِ وَالْأَجْنَاسِ، مَعْجُوناً بطِینَةِ الْأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ، وَالْأَضْدَادِ الْمُتَعَادِیَةِ، والْأَخْلاطِ المُتَبَایِنَةِ، مِنَ الْحَرِّ والْبَرْدِ، وَالْبَلَّةِ وَالْجُمُودِ، وَاسْتَأْدَی اللهُ سُبْحَانَهُ الْمَلائِكَةَ وَدِیعَتَهُ لَدَیْهِمْ، وَعَهْدَ وَصِیَّتِهِ إِلَیْهمْ، فی الْإِِذْعَانِ بالسُّجُودِ لَهُ، وَالخُنُوعِ لِتَكْرِمَتِهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (اسْجُدُوا للآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِیسَ ) اعْتَرَتْهُ الْحَمِیَّةُ، وَغَلَبَتْ عَلَیْهِمُ الشِّقْوَةُ، وَتَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ، وَاسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ، فَأَعْطَاهُ اللهُ النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ، وَاسْتِتْماماً لِلْبَلِیَّةِ، وَإِنْجَازاً لِلْعِدَةِ، فَقَالَ: (إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِینَ إِلَی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ). ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِیهَا عَیْشَهُ، وَآمَنَ فِیهَا مَحَلَّتَهُ، وَحَذَّرَهُ إِبْلِیسَ وَعَدَاوَتَهُ، فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَیْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ، وَمُرَافَقَةِ الَْأَبْرَارِ، فَبَاعَ الْیَقِینَ بِشَكِّهِ، وَالْعَزِیمَةَ بِوَهْنِهِ، وَاسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلاً، وَبِالْإِغْتِرَارِ نَدَماً. ثُمَّ بَسَطَ اللهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فی تَوْبَتِهِ، وَلَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ، وَوَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَی جَنَّتِهِ، وَأَهْبَطَهُ إِلَی دَارِالَبَلِیَّةِ، وَتَنَاسُلِ الذُّرِّیَّةِ.

اختیار الانبیاء

وَاصْطَفی سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدَهِ أَنْبیَاءَ أَخَذَ عَلَی الْوَحْیِ مِیثَاقَهُمْ، وَعَلَی تَبْلیغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ، لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللهِ إِلَیْهِمْ، فَجَهِلُوا حَقَّهُ، واتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ، وَاجْتَالَتْهُمُ الشَّیَاطِینُ عَنْ مَعْرفَتِهِ، وَاقتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِیهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَیْهِمْ أَنْبِیاءَهُ، لِیَسْتَأْدُوهُمْ مِیثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَیُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِیَّ نِعْمَتِهِ، وَیَحْتَجُّوا عَلَیْهِمْ بَالتَّبْلِیغِ، وَیُثِیرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَیُرُوهُمْ آیَاتِ الْمَقْدِرَةِ: مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ، وَمِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ، وَمَعَایِشَ تُحْیِیهِمْ، وَآجَال تُفْنِیهمْ، وَأَوْصَاب تُهْرِمُهُمْ، وَأَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَیْهِمْ، وَلَمْ یُخْلِ اللهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ، أَوْ حُجَّةٍ لاَزِمَة، أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ، رُسُلٌ لاتُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ، وَلاَ كَثْرَةُ المُكَذِّبِینَ لَهُمْ: مِنْ سَابِقٍ سُمِّیَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ. عَلَی ذْلِكَ نَسَلَتِ القُرُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الْآبَاءُ، وَخَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ.

مبعث النبی

إِلَی أَنْ بَعَثَ اللهُ سُبْحَانَهُ مُحَمَّداً رَسُولَ الله صَلَّی الله عَلَیْهِ وَآلِهِ لِإَِنْجَازِ عِدَتِهِ وَإِتَمامِ نُبُوَّتِهِ، مَأْخُوذاً عَلَی النَّبِیِّینَ مِیثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَرِیماً مِیلادُهُ. وَأهْلُ الْأَرْضِ یَوْمَئِذ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ، وَطَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ، بَیْنَ مُشَبِّهٍ للهِِ بِخَلْقِهِ، أَوْ مُلْحِدٍ فی اسْمِهِ، أَوْ مُشِیر إِلَی غَیْرهِ، فَهَدَاهُمْ بهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَأَنْقَذَهُمْ بمَكانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ. ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّد صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمْ لِقَاءَهُ، وَرَضِیَ لَهُ مَا عِنْدَهُ، وَ أَكْرَمَهُ عَنْ دَارِالدُّنْیَا، وَرَغِبَ بِهَ عَنْ مُقَامِ البَلْوَی، فَقَبَضَهُ إِلَیْهِ كَرِیماً رَسُولَ الله صَلَّی الله عَلَیْهِ وَآلِهِ، وَخَلَّفَ فِیكُمْ مَا خَلَّفَتِ الْأَنْبیَاءُ فی أُمَمِها، إذْ لَم یَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً، بِغَیْر طَریقٍ واضِحٍ، ولاَعَلَمٍ قَائِمٍ.

القرآن والاحكام الشرعیة

كِتَابَ رَبِّكُمْ فِیكُمْ: مُبَیِّناً حَلاَلَهُ وَحَرامَهُ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ، وَخَاصَّهُ وَعَامَّهُ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ، وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ، مُفَسِّراً مُجْمَلَهُ، وَمُبَیِّناً غَوَامِضَهُ. بَیْنَ مَأْخُوذٍ مِیثَاقُ عِلْمِهِ، وَمُوَسَّعٍ عَلَی العِبَادِ فی جَهْلِهِ، وَبَیْنَ مُثْبَت فی الكِتابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُوم فی السُّنَّهِ نَسْخُهُ، وَوَاجب فی السُّنَّةِ أَخْذُهُ، وَمُرَخَّصٍ فی الكِتابِ تَرْكُهُ، وَبَیْنَ وَاجِب بِوَقْتِهِ، وَزَائِل فی مُسْتَقْبَلِهِ، وَمُبَایَنٌ بَیْنَ مَحَارِمِهِ، مِنْ كَبیر أَوْعَدَ عَلَیْهِ نِیرَانَهُ، أَوْ صَغِیرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ، وَبَیْنَ مَقْبُولٍ فی أَدْنَاهُ، ومُوَسَّعٍ فی أَقْصَاهُ.

و منها فی ذكر الحج

وَفَرَضَ عَلَیْكُمْ حَجَّ بَیْتِهِ الْحَرَامِ، الَّذِی جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ، یَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ، وَیأْلَهُونَ إِلَیْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ. جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلاَمَةً لِتَوَاضُعِهمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ، وَاخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَیْهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتِهُ، وَوَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِیَائِهِ، وَتَشَبَّهُوا بمَلاَئِكَتِهِ المُطِیفِینَ بِعَرْشِهِ، یُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِی مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ، وَیَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ. جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ لِلْإِسْلامِ عَلَماً، وَلِلْعَائِذِینَ حَرَماً، فَرَضَ حَقَّه، وَأَوْجَبَ حَجَّهُ ُ، وَكَتَبَ عَلَیْكُمْ وِفَادَتَهُ (66)، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَللهِِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِیٌّ عَنِ العَالَمینَ).